مصطفى لطفي المنفلوطي </STRONG>
جَرَى الدمعُ حتى ليسَ في الجفنِ مَدمَعُ
جَرَى الدمعُ حتى ليسَ في الجفنِ مَدمَعُ =وقاسيتُ حتَّى ليس في الصبرِ مَطمَعُ
</STRONG>
وما أنا منيبكي ولكنَّه الهَوى= يريدُ سن الأُسدِ الخضوعَ فتخضعُ
فلِلَّه قلبي ما أجلَّ اصطبارَهُ =وأثبتَهُ والسيفُ بالسيف يُقرعُ
وللَّه قلبي ما أقلَّ احتماله =إذا ما نأى عنه الحبيبُ المودِّعُ
إذا لاحَ لي سيفٌ من الخطبِ رُعتُه =وإن لاح لي سيفٌ من اللحظِ أجزَعُ
وأقتادُ لَيثَ الغابِ واللَّيثُ مُخدِرٌ =ويقتادني الظبي الغريرُ فأتبَعُ
وليلٍ أضلَّ الفجرُ فيه طريقَه= فلم يدرِ لما ضلَّ من أين يَطلُع
سهرتُ به أرعى الكواكبَ والكَرَى =عَصِيٌّ على الأجفانِ والدمعُ طيّعُ
أودُّ لو ان الطيفَ من بِزَورَةٍ =وكيفَ يزورُ الطيفُ مَن ليس يَهجَعُ
لقد عشتُ دَهراً ناعمَ البالِ خالياً =من الهمّ لا أَشكُو ولا أتَوَجَعُ
أروحُ ولي في مَعهدِ الغَي مَربَعٌ =وأغدُو ولي في مَسرحِ اللَّهو مرتَعُ
فما زلتُ أبغي الحبَّ حتَّى وجدتُه= فلما أردتُ القُربَ كان التمنُّعُ
فلم يبقَ لي عن ذلك الحبِّ مهرَبٌ =ولم يَبقَ لي في ذلك القُربِ مَطمَعُ
كأني في جوِّ الصبابةِ ريشةٌ =بأيدي السوافي مالها الدهرُ مَوقِعُ
كأني في بحر الهُيام سفينةٌ =أحاطَ بها مَوجُ الردى المُتَدَفِّع
كأني في بيداءَ دهماءَ مَجهَلٌ =تضلُّ رُخاءٌ في دُجاها وزَعزَعُ
فلا أنا فيها واجدٌ من يَدُلُّني =ولا نجمها يبدو ولا البرقُ يَلمُع
فمهلاً رويداً أيها اللائم الذي =يُجرِّعني في لومِه ما يُجرِّعُ
نَصحتَ فلم أسمَع وقلتَ فلم أُطِع =فما نُصحُ حِبٍّ لا يُطيعُ ويَسمَعُ
فيا حُبَّ هذا القولُ لو كان مُجدِياً =ويا نِعم ذاك النُصحُ لو كان ينفَعُ
قضى اللَه أن لا رأى في الحبِّ لامرئٍ =وذاك قضاءٌ نافذٌ ليس يُدفع
مررتُ على الدّار التي خَفَّ أَهلُها =وطالَ بِلاها فهي بَيداءُ بَلقَعُ